خواطر طبية «®» أخلاقيات المهنة [7] // بقلم د . علوي القاضي.

 «®» خواطر طبية «®»

      (أخلاقيات المهنة) [7]

من مذكراتي : د / علوي القاضي.

... حينما قرأت قصص جحا ، الملأى بالسخرية والنقد لمعظم سلوكيات البشر الغير منطقية ، في قصة (جحا وإبنه والحمار) ، وجدت كيف أن حاله لم يعجب الناس ، وانتهى به الأمر لأنه حمل الحمار وسار به إلى بيته ، لفت نظري سلوك الناس تجاه جحا ، وهذا جعلني أشبه الطبيب بجحا ، من ردود فعل الناس تجاهه مايسمى بـ (معادلة الطبيب المستحيلة) ، حقيقي ربنا يكون في عون الطبيب ، وبالذات الذي يراعي ربنا في المريض ويريد مساعدته ، فالطبيب يعيش واقع عملي من ألسنة الناس ، وماحدث لي مثال حي :

... فأنا من قرية و (تحدثاً بنعم الله) من أصل طيب ، واتربيت على أخلاق الدين الوسطي ، والأدب والإحساس بالناس ، والحمد والشكر لله ، ثم لأبي وأمي ومشايخي 

... أول ما فتحت عيادتي وكنت (ممارس عام) منذ 43 سنة ، وكان الكشف عندي وقتها بـ (4) جنيه ، بناء على توجيهات من والدي ووالدتي مراعاة لظروف الناس ، لقيت بعض الناس تقول لي (ارفع الكشف يادكتور ! ، دا مش قيمتك خالص والناس مش هتيجي لك وتستقل بك !) ، بعدها بكذا سنة الكشف بقى ب (10) جنيه ! ، وكنت (أخصائي) فوجئت بالناس تقول لي (غلّيت الكشف ليه يادكتور ؟!) ، رغم أن كشف الممارس العام  بنفس القيمة !

... مع الوقت تأكدت أن (عدم الرضا والقبول وحب النقد) ، ثقافة عند جميع البشر ، وذلك من تصريحات الناس ذاتهم :

... أن الناس تتفاخر أنهم ذهبوا للدكتور (فلان) في القاهرة بقيمة عالية جدا ! وكتب لهم روشتة بألف وألفين ! ، غير بقى إيجار السيارة ، غير الحجز بالشهر والإنتظار في العيادة حتى الفجر ! (ثقافة مجتمعية)

... تقلل الكشف ! تقل في نظر الناس ، ويقولوا مش فاهم  وعايز الناس تيجي له !

... تزود الكشف يقولوا الجزار أهو ! ويدعوا علي الدكتور !

... تلبس عادي ! دا دكتور معفن !

... تلبس شيك ! دا إبن فلان بقى يتنطط علينا !

... تركب عربية معاهم ! يقولك ، إزاي مش عارف تجيب عربية يا دكتور ؟!

... تشتري عربية ! يقولك من فلوس ودم المرضى !

... لو رجعت كشف للمريض ! يقولك شكله شخصه غلط وخايف !

... مترجعش فلوس المريض الفقير ! يقولك دا بيجري ورا الفلوس !

... تكتب للمريض علاج رخيص ! يقولك شكله مش فاهم ، ولا متابع الجديد !

... تكتب له علاج غالي ! يقولك متفق مع الصيدلية !

... تكتب له تحاليل يقولك متفق مع المعامل !

... متكتبش تحاليل ! يقولك مش فاهم حاجة في شغله وإزاي يشخص من غير تحليل !

... يسألك عن دكتور في تخصص معين ! ترشده ! يقولك هياخد منه نسبة ومتفق معاه ويروح لغيره !

... تقعد معاهم وتهزر ! يقولك مش فاهم حاجة وعايز يعمل زبون ويقلل من قيمته !

... تكلمهم بكبرياء يقولك هو إبن مين يعني ؟! ، وهكذا !

... المصيبة أنهم بيمدحوا كتير الدكتور اللي بيكلمهم من فوق النظارة ! ويتعامل معاهم بشدة وعنف ! واللي كشفه غالي ! ويقولك دا (ضاكتور) كبير وفاهم ومعندوش وقت الله يعينه !

... طبعاً مش كل الناس بنفس الفكر ، لكن للأسف الأغلبية  

... معادلات مستحيلة جدا ، كلها عشتها بنفسي ! ، ويعلم الله مدى حرصي على المريض ، لكن المعادلة مستحيلة !

... أصبحت أعمل اللي يرضي ربنا ! وأرمي كلام الناس خلف ظهري ! ، وبقيت أساعد الفقير لكن مرجعش له الكشف ، وتكون المساعدة بشكل تاني مثل إعطاؤه أدوية من التبرعات أو العينات ! ، بقيت أعمل الصح في شغلي ! واللي يقول يقول ، أصبحت أحافظ على الإستايل الخاص بي ! ، واللي عنده كلمة يطلعها براحته ! ، اللي يسألني عن تخصص تاني أقوله بأمانه ! ومش قصتي يصدق أو لأ ! والله المستعان ، معادلات مستحيلة ، لكن أعمل لله وأسعى لرضا الله يُرضي عني الناس (من أرضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضي عنه الناس)

... تحياتي ...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نجواى أنت // بقلم الشاعر رحب كومى

رثاء شاعر الوطن // بقلم أ. سامية البابا

بعض أسماء وصفات النساء عند العرب // بقلم محمد جعيجع