مناسك الروح // بقلم: ناصر صالح أبو عمر
مناسك الروح
لَبَّيتُ ربّي والخطايا خاشِـعـا
فالنورُ أسكبَ في دُجايَ مِصَـبّا
ورَفعتُ كفّي والنُجومُ شواهِـدٌ
أنّي تركتُ على الرُّبى ما أذْنَبـا
وخلعتُ عني زيفَ دنيا عابِرٍ
قد كان بالأوهامِ يومًا مُعجَـبا
وسلكتُ دربَ الطهرِ وحدي خاشعًا
كالطفلِ يُنكرُ أن ينامَ مُذنَّـبا
نحو "الكَعابَةِ" والدموعُ وسادتي
يا سِحرَها! ماذا بهِ قد أَوجَـبا؟
ما بينَ رُكنٍ والرُّقى أنفاسيَ الـ
ـمَسجورُ من وجدٍ، يُهلِّلُ مُـغضَبا!
سبعًا أُطوفُ، ومقلتيَّ كأنّها
شمسانِ تُشرقُ بالدُّموعِ لهُـطُبا
ثم السعيُ بين الصفا والمروةِ
صوتُ الخليلِ يُعيدُ فيّ المذهَـبا
زمزمْتُ شوقًا، والنقاوةُ موجَـةٌ
تجتاحُني شربًا، وتُسكِرُ مَشرَبا
ثم ارتقينا لِلرؤى "عرفاتِنا"
ووقفتُ فيها كالمُتيّمِ مُذْنِبا
يا ربُّ! أنتَ على الجبالِ جميعِها
لكنّ عرفاتٍ بوجهِكَ أقرَبا!
أدعوكَ، والحرُّ اشتعلتْ أنفاسُـهُ
لكنّ روحي في رضاكَ تَلَحْلَـحا
وغَروبُ شمسِ اليومِ فجرٌ في دمي
قد أشرقَتْ فيهِ الجباهُ تَـمَوْهُـبا
فمضَتْ خطانا للسكينةِ حيثُها
مُزْدَلِفَةٌ... تمشي السكينةُ مَوكِبا
نمنا على حَصَبِ "مِنى" والجمرُ في
كفِّ الرجاءِ يَزيحُ عنّا المُرهِبا
حتى رمينا باليقينِ شياطِـنا
والقلبُ يسجدُ واليقينُ تَأَهُّبا
وأتى النَّحـرُ العظيمُ ودمعُنا
يجري... فداءُ الحبِّ أغلى مَذهَبا
يا سُبحَـةَ الدمعِ الجليلِ! تناثري
ها قد نحرنا كلَّ ذنبٍ مُعرِبا
والشَعرُ حَلقتُهُ، كأني قد بَدَأتْ
روحي تحُجُّ، وقلبُها مُتشذِّبا
وطوافُ بيتِ اللهِ ودّعْنا بهِ
ما بين أركانهِ نُودِّعُ مَذهَبا
ثمّ العِـيـدُ أقبلَ ضاحكًا في رَونَقٍ
والأرضُ قد لبستْ نسيمًا مُطرَبا
يا من حججتَ.. هنا السماءُ تُقبّلُ
خطواتِـنا، وترى المُحبَّ مُرحَّـبا
بقلم: ناصر صالح أبو عمر
تعليقات
إرسال تعليق