صدى الأيام // بقلم ناجح صالح

( صدى الأيام )

 في بداية فترة الخمسينيات من القرن الماضي لم يكن عالمنا كما هو عالم اليوم . ونحن صبية صغار كنا نذهب إلى المدرسة الإبتدائية صباح كل يوم عبر زقاق موحل وطريق طويل ؛ ويبدأ المعلم بإلقاء درسه لنصغي إليه إصغاء تاما ؛ وهو يبذل جهده فإذا وجد منا تقصيرا في أداء الواجب أو تهاونا في السلوك نتلقى منه الصفعات . كان المنهج الدراسي ثقيلا دسما بمعلوماته ولا بد أن نستوعبها وإلا نالنا العقاب وبعده الفشل والإخفاق ...أجل كان النظام المدرسي شديدا صارما . وحين عودتنا من المدرسة بعد نهار طويل نستمتع بساعة من اللهو واللعب فإذا حانت ساعة المغرب أسرعنا إلى بيوتنا ..وما أن نتناول طعام العشاء وننتهي منه حتى نبدأ بالمطالعة والحفظ لما هو مقرر وعلى ضوء الفانوس الباهت إذ لم تكن الكهرباء قد دخلت بيوتنا بعد ..كنا نعتمد على أنفسنا ولم نتوكأ على عكازة أحد بالإستعانة في فهم الدرس ؛ ذلك أن الأبوين لم يلتحقا بأية مدرسة يوما . .وإن كنت أذكر فإن الفضل لذلك المعلم الذي علمنا الحروف الأولى للغتنا الجميلة . أما الأسرة فلها تقاليدها التي يجب أن ننصاع إليها وإلا كان الأب لنا بالمرصاد في العقاب الذي ينتظرنا على يديه ؛ أما الأم فكانت ارحم بنا من أنفسنا وهي لا تألو جهدا في النصيحة كي نكون مطيعين ؛ وهي التي تكد في العمل طيلة النهار في خدمة الأسرة . وماذا بعد فإنها كانت حياة جميلة رغم مصاعبها ورغم ملامح الفقر التي تبدو على الوجوه غير أننا أجتزناها بصبر وصمود حتى حققنا ما كنا نصبو إليه . بقلمي / ناجح صالح

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نجواى أنت // بقلم الشاعر رحب كومى

رثاء شاعر الوطن // بقلم أ. سامية البابا

بعض أسماء وصفات النساء عند العرب // بقلم محمد جعيجع