مجالس القاضي الرمضانية // بقلم د . علوى القاضى
«(:)»مجالس القاضي الرمضانية«(:)»
المجلس الحادي والعشرون
إدارة : د/علوى القاضى.
... في بداية المجلس سألني أحد الأحباب (أنا دائما عندي فتور في العبادة كلما تقربت إلى الله إنتكست مرة أخرى ، رغم أننى أحب ربى وأرغب أن أتقرب منه ماذا أفعل ؟!)
... وبعد حمد الله والثناء عليه بإسمه المعبود الصمد ، والصلاة والسلام على نبيه ، وتوحيد القصد لله ، والدعاء بالتوفيق ، أجبته بما من الله به علي قلت :
... أخى الكريم لاتترك سترة العبادة وإن كانت مرقعة
... فالإمام الشافعي (رحمه الله) كان يقول (سيروا إلى الله عرجى ومكاسير ولاتنتظروا الصحة فإن إنتظار الصحة بطالة) ، المعنى لهذا الكلام ، أنك لوأحسست وأنت تسير وعبادتك مليئة بالمطبات وبعدم وجود روح في العبادة ، أو أن هناك تقطيع أوملل من العبادة أوثقل على النفس اِبقَ متمسكاً في أستار الإستمرار حتى تنال الرحمة ، إسقط وأكمل ، وأنت تعلم إنك أضعف من أن تُكمل ، فربنا جلَّ وعلا يقول (والذين جاهَدُوا فِينا لنَهدِينهُم سُبلَنا) فأكمل طريقك إلى الله حتى لو زحفاً
... وإن كنت مُقصّرا في الصلاة ، صلِّ حتى رغم التقصير ، لكن لاتقطعها واجتهد ، وأنت ياأختى الكريمة إن كان حجابكِ ليس كاملاً ، ابقِ عليه وحاولى تحسينه لكن لاتخلعيه ، تقرأ القرآن بشكل متقطع اِبقَ على ماأنت عليه لكن لاتهجره وهكذا في كل العبادات
... يقول إبن القيم رحمه الله (لا يزال المرء يعانى من الطاعة حتى يألفها ويحبها فيقيض الله له ملائكة تؤزه إليها أزا ، توقظه من نومه إليها ومن مجلسه إليها)
... فإياك وترك سترة العبادة مهما كانت مرقعة
... واعلم أن ربنا جل وعلا لن يتركك أبداً وسيعينك إذا رأى منك صدق الإِقبال عليه والإصرار على الطاعة
... وتذكر دائما قول الله تعالى في الحديث القدسي (ومن تقَرَّب إليَّ شِبراً تقَرَّبتُ منْه ذِراعاً ومَنْ تقَرَّب مني ذِراعاً تقَرَّبت مِنْه باعاً ومن أَتاني يَمْشِي أتَيتُهُ هرْوَلَة )
... إستمسك بالعبادة ولوكنت مقصراً ، إستعن بالله ولاتعجز ، لاتترك أبداً سترة العبادة
... اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك اللهم أحسن عاقبتنا فى الأمور كلها وأجرنا من خزى الدنيا ومن عذاب الآخرة
... وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وأزواجه الطاهرين عدد خلقك ورضا نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك
... ثم سألني (ولو تمسكت بسترة العبادة المرقعة كيف أعرف أن الله أحبني ؟!)
... قلت إذا أحبك الله تجد نفسك محاط بالشدائد ، مبتلي دائما ، متعب نفسيا أحيانا ، تبكي علي أتفه الأشياء ، وأحيانا أخري لاتقوي علي البكاء ، مصاب جسديا بين الحين والٱخر ، لماذا ؟!
... لأن الله يحبك ولأن الله يبتليك ليهذبك لاليعذبك
... سيدك النبي قال (مايصاب المسلم من نصب ولاوصب ولاهم ولاحزن ولاأذي ولاغم حتي الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه)
... لأن الله يريد عودتك ، يريد الله سماع صوتك بالدعاء له ، يقول لك أريدك في جنتي ، إستغفر فأذهب عنك ضيقك ، صل وأنا سارفع عنك البلاء ، أدع وأنا سأتقبل ، سبح وأنا سأغفر ، أصبر واحتسب في الدنيا ومكانك في جنتي في الٱخره ، لاتشكو حالك للناس فهم يعيرون ولايغفرون والله يغفر ولايعير ، لاتغضب من حالك ابدا ، إياك والغضب في دعاء أو علي بلاء من الله لك ، ربك بيقول (فاصبر لحكم ربك ولاتكن كصاحب الحوت إذ نادي وهو مكظوم)
... وتاكد دائما أن لك مكانه خاصه عند الله ، حافظ عليها بعملك بقربك منه ولوأخطأت ارجع واستغفر تاني وتالت وعاشر وألف ، ربنا في رساله واضحه بيقولك (أن الله يحب التوابين) (إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فؤلئك أتوب عليهم وانا التواب الرحيم)
... هكذا يحبك الله
... اللهم ارزقنا حبك ، وحب من يحبك ، وحب كل شئ يوصلنا لحبك
... تحياتي ...
المجلس الثاني والعشرون
... كان حديث العهد بالإسلام ، فقد حضر المجلس ، وأعلن إسلامه ، ونطق الشهادتين ، وجلس ، ثم بادرنى بطلبه قال (عظني ، وضع لي معالم على طريق الصلاح والفلاح ، ولك الأجر والثواب من الله)
... حمدت الله ، وأثنيت عليه بأسماءه الواحد الأحد الصمد ، وصليت وسلمت على حبيبه المصطفى ، ووحدت القصد لله ، ودعوت الله بالتوفيق
... إعلم أخى الكريم أن الدنيا سلف ودين ، وأن المظلوم لابد له من إنتصار ولو بعد حين ، وأن سهام الدعاء بالأسحار لاتخطئ ، وأن الحياة يمكن أن تنتهي بأي لحظة ، ونحن على غفلة ، وأن الكلمة الحلوة والوجه البشوش والكرم رأس مال الأخلاق ، وأن أغنى إنسان في العالم هو الذي يملك الصحة والأمان ، وأن من يزرع الثوم لايجني الريحان ، وأن العمر ينتهي والمشاغل لاتنتهي
... واعلم أن من يريد من الناس أن يسمعوا منه عليه أن يسمع منهم أولا ، وأن السفر مع الناس هو أدق مجهر يكشف لك معادن الناس ، وأن الذي يتفلسف كثيرا (يقول أنا وأنا) هو فارغ من الداخل ، وأن الذي معدنه ذهب يبقى ذهبا والذي معدنه حديد يتغير ويصدأ
... واعلم أن كل الذين دفنوا في المقابر ، كانوا مشغولين بالدنيا وعندهم مواعيد وفي نياتهم أمور كثيرة لم يحققوها
... وأننا نرتب السرير ونبرد الغرفة لننعم بالموتة الصغرى (النوم) ، ولكن هل رتبنا أعمالنا وبردنا قبورنا بالطاعة لننعم بالموتة الكبرى !
... يقول أحد الصالحين (عجبت للناس يحذرون من بعض الطعام مخافة المرض ! ، ولايحذرون من الذنوب مخافة الله ، فإيّاك أن تتكلم في الناس والأشياء إلابعد أن تتأكد من صحة المصدر ، وإذا جاءك أحد بنبأ فتبين قبل أن تتهور ! ، وإيّاك والشائعة ، فلاتُصدق كل مايقال ، ولاتصف مالم تبصر ، وإذا إبتلاك الله بعدو قاومه بالإحسان إليه ، إدفع بالتي هي أحسن فستنقلب العداوة حباً
... أخي الكريم إذا أردت أن تكتشف صديقاً سافر معه ، ففي السفر ينكشف الإنسان ، ويذوب المظهر ، وينكشف المخبر ، وسمي سفرا ، لأنه يسفر عن الأخلاق والطبائع
... وإذا هاجمك الناس وأنت على حق فافرح ! ، لأنهم يقولون لك أنت ناجح ومؤثر ، ولايُرمى إلا الشجر المثمر ، وعندما تنتقد أحداً فبعين النحل تعوّد أن تبصر ، ولاتنظر للناس بعين ذباب فتقع على كل ماهو مستقذر !
... نم باكراً فالبركة في الرزق صباحاً ، وأخاف أن يفوتك رزق الرحمن ، وحينما يثق بك أحد فإياك ثم إياك أن تغدر ، لو ذهبت لعرين الأسد ، ستعلم أن الأسد لم يصبح ملكاً للغابة لأنه يزأر ! ولكن لأنه عزيز النفس ، لايقع على فريسة غيره مهما كان جائعاً يتضور ، فكن كالأسد ، ولاتسرق جهد غيرك فتجوّر عليه !
... وانظر للحرباء ، حتى تشاهد بنفسك حيلتها ، فهي تلون جلدها بلون المكان لتعلم أن في البشر مثلها
... تعود دائما أن تشكر الله ، فيكفي أنك (مسلم) ويكفي أنك تمشي وتسمع وتبصر ، أشكر الله ، وأشكر الناس ، فالله يزيد الشاكرين ، والناس تحب الشخص الذي إذا بذلت له يقدرها
... واعلم أن أعظم فضيلة في الحياة هي الصدق ، واعلم أن الكذب وإن نجا أرذل رذيلة ، وفّر لنفسك بديلاً لأي شيء ، إستعد لأي أمر ، حتى لاتتوسل لنذل يذلك ويحقرك ، واستفد من كل الفرص ، لأن الفرص التي تأتي الآن قد لاتتكرر ، لاتتشكى ، ولاتتذمر ، أريدك متفائلاً مقبلاً على الحياة ، وإهرب من اليائسين والمتشائمين ، وإياك أن تجلس مع رجل يتطير ، ولاتتشمت ولاتفرح بمصيبة غيرك ، وإياك أن تسخر من شكل أحد ، فالمرء لم يَخلق نفسه ، لأنك في الحقيقة تسخر من صنع الله الذي أبدع وصور
... أخي الكريم أحيي قلبك دائما ، فإذا أصابك الفتور وابتعدت عن الله ، ولم تعد تُصل الفرض فى وقته ، ومصحفك أصابه الهجران ، ولم تواظب على صلاة الفجر والقيام ، وعُدت لذنوب عاهدت الله كثيرًا ألا تعود إليها ، وضاق صدرك من ظُلمة (الطريق) ! فلاتيأس ، فباب الله لايُغلق أبدًا ، وهو ينتظر عودتك ، ويفرح بتوبتك ، وهو الغني عنها ، فقط عُد إلى بابه نادما واثقا تمامًا بأنه سيقبلك وسينشرح صدرك من جديد ، وإعلَم أن الطريقَ ليس سهلًا ، وإن القلب من كثرة الذنوب قد يثقُل ، ولكن خذ الطريق خطوة بخطوة ، ابدأهُ بالمواظبة على الفروض في أوقاتها ، وافزع إلى صلاتك متى سمعت النداء ، إجعلها أولوية في حياتك
... وماإن تشعر بأن روحك تتعطش للمزيد ، أضف ليومك وردًا من القُرآن ولوبسيط ، ثم زد في الطاعات حتى تجد قلبك قد عادت إليه الحياة من جديد
... أخي الكريم بادر بخدمة من حولك (إنّ في قضاءِ حوائجِ الناسِ لذةً لايَعرفُها إلا من جرّبها) ، فافعل الخير مهما استصغرته ، فإنك لاتدري أي حسنة تدخلك الجنة ، تلك هى معالم الطريق إلى الله
... أخى الحبيب ، إذا كنت فىي معية الله وتولاك الله ، سخر لك كل شيء ، ولوكان في نظرك مستحيلاً (ياجبال أوِّبي معه والطير وألنَّا له الحديد)
... ونحن فى العشر الأواخر ندعوا (اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا ، اللهم اجعلنا من عتقاءك من النار وممن توليتهم برحمتك وممن رضيت عنهم وأكرمتهم بكرمك يارحمن يارحيم ياكريم ، اللهم اجعلنا من (جندك) ، فإن جندك هم الغالبون ، واجعلنا من (حزبك) ! فإن حزبك هم المفلحون ، واجعلنا من (أولياءك) ! فإن أولياءك لاخوف عليهم ولاهم يحزنون
... اللهم أرزقنا الجنة ونعيمها ، واجمعنا فيها بوالدينا وأحبابنا والمسلمين أجمعين ، اللهم علمنا ماينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علما ، وصل اللهم على سيدنا محمدٍ وآله وصحبه أجمعين
... تحياتى ...
المجلس الثالث والعشرون
... سألني أحد الأحباب عن ليلة القدر وكيف ندركها
... بعد حمد الله ، والثناء عليه بإسماءه العاطي الوهاب ، والصلاة والسلام على نبيه وتوحيد القصد لله والدعاء بالتوفيق
... أخى الكريم ليلة القدر ، ليست ثابتةً بل متنقِّلة ، قد تكون في اللَّيالي الشَّفع ، أواللَّيالي الوتر ، لايُمكن الجزم أنَّها ليلة معيَّنة ، ولايُشترَط أن تُعلم أيَّ ليلةٍ هي لتنالَ الأجر ، أقمِ العشرَ واجتهد فلستَ أعظم مكانة من نبيِّك ﷺ حتَّى تخصَّ ليلةً دون البقيَّة أو ليالٍ دون غيرها ، نشرُ أقوالٍ أنها جزمًا ليلة ٢٧ هو تثبيط للهمم ، وحثٌّ على الكسل ، وتصويرُ الشَّمسِ وترقُّبُ صفتِها ممَّا لم يكن في عهد السَّلف وفعلُه بدعة وفيه تكلُّفٌ وتثبيطٌ للنَّاس ، فمن يقول هي ليلة كذا سيثبِّط مَن فاتَته ، ويتَّكل مَن يظنُّ أنه أدرك ، لمَّا جزم أحد الصَّحابة بموعدها أقام العشر ولم يتَّكل ، أقمِ العشر كلَّها فإنَّك حينها تدركُ اللَّيلة لامحالة ، والعاقلُ لايضيِّع العتقَ من النِّيران ومغفرةَ الذُّنوب ، لأجل مايُنشر هنا وهناك ، النبيُّ ﷺ وهو الَّذي غُفر له ماتقدَّم من ذنبه وماتأخر ، قام العشرَ واجتهد فيها ، فهل بعد ذلك تقول أقيمُ ليلةً وأترك البقيَّة ، أوأجتهد في بعضٍ دون بعض؟!
... أخى الكريم هل تدرك معني ليلة القدر ، ولماذا أخفى الله ورسوله ميعادها ؟!
... سميت (ليلة القدر) من القدر ، أي الشرف لعظم قدرها عند الله ، وقيل لأن الله سبحانه يقدر فيها ماسيكون هذا العام من أقدار الخلق
... سيتوقع الجميع تلك الليله وسيظلوا يصفوا فيها ، فلاتنشغل بكلامهم ، وابق فى طريق طاعتك لله بدون توقيت ، أو ميعاد ، لأن الله يريد قلبك وروحك معه أنى شئت ، وأينما كنت ، فالله سبحانه يحب قربك
... لاترهق نفسك ، ولاتنشغل بتخميناتهم ، واشغل نفسك بقربك ، وطاعتك لله ، لأنك لوظللت فى معية الله سيجعل أيامك ولياليك كلها أيام وليال قدر
... واعلم أن المحب الحقيقى لله لاتفتر همته أبدا فى طاعته ولاتنام عينه ولايندم على فوات ميعادها فهو يعتقد أن ليلة قدره هى ليلة عتقه من النار تلك الليلة التى يبكى فيها ندما على مافرط فى جنب الله وعاهد الله على التوبة النصوح
... إعلم أن العمل الذي يقع في ليلة القدر خير من العمل الذي يقع في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر
... هل تدرك معني أفضل من العمل في ألف شهر؟!
... أي أفضل من عمل مايقرب من ٨٣ سنة عباده ، لأن عبادتك في هذه الليلة قد تكون أفضل من عبادتك في عمرك كله لوخلت من ليلة القدر
... قد تحصل من الأجر في هذه الليلة أكثر من الأجور التي حصلتها في حياتك بأسرها
... يقول الإمام السعدي (وهذا مما تحار فيه القلوب وتندهش له العقول أن من الله علي هذه الأمة الضعيفة بأن جعل لها ليلة من عبد الله فيها فكأنما عبده ثلاثه وثمانين من الأعوام)
... أى أن من صلي ركعتين في هذه الليلة فكأنه صلى من ٨٣ سنة هاتين الركعتين ، كذلك من قام الليل في هذه الليلة ، ومن بكي من خشية الله في هذه الليلة فكأنما وعاء من الدموع وضع في ميزان حسناته ! ، ومن تصدق في هذه الليلة فكأنما تصدق بهذا المبلغ يوميا طيلة ٨٣ سنة ! ، ومن قرأ جزءا من القرآن في هذه الليلة فكأنما حافظ علي قراءة هذا الجزء لمدة ٨٣ سنة !
... هل فكرت كم سيكون الأجر ؟! ، إنه سيكون أكثر وأكثر من ٨٣ سنه لأن الله قال (خير من ألف شهر) أى أكثر
... والآن نفهم جيدا قول النبي صل الله عليه وسلم (من حُرم خيرها فقد حُرم)
... ولذلك حافظ النبي صل الله عليه وسلم علي الإعتكاف ولم يتخلف عنه ، لأن النبي لايريد أن يضيع أي لحظة في غير طاعة في هذه الليلة ، وقد غفر الله له ماتقدم من ذنبه وماتأخر !
... كان من هديه صل الله عليه وسلم إذا دخل العشر (أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر) , كناية عن التشمير في العبادة
... وهنا السؤال ماذا سيكون حالك في ليلة القدر ؟!
... ليلة القدر في ليلة من العشر الأواخر كلها
... اجتهد فيها كلها حتي تكون ممن أدركها يقينا ، ابذل مافي وسعك فلعلها لاتتكرر هذه الفرصة
... بلغنا الله وأياكم ليلة القدر وبارك لنا فيها وتقبلها منا يارب العالمين
... اللهم انك عفو كريم عظيم تحب العفو فاعفو عنا
... آمين . آمين . آمين ...
... تحياتى ...
المجلس الرابع والعشرون.
.. شعر بعض الحضور بصفاء فى النفس والذهن ونقاء فى السريرة وراحة داخلية وإطمئنان فى القلب لم يسبق له مثيل وسكينة فى الروح ، كما لو كانوا تحولوا إلى ملائكة ، حتى قال بعضهم أنه يحتمل أن تكون الليلة هى ليلة القدر
... وعلى الفور طلبت منهم أن يرددوا خلفي هذا الدعاء ويؤمنوا بعدي ، ونصحتهم أن يكرروه يوميا حتى تنتهى العشر الأواخر من رمضان لمدة دقيقتين يوميا
... ياودود ياودود ياودود ، ياذا العرش المجيد ، يافعال لما تريد ، لك الحمد ، ولك الشكر على جميع النعم ، اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ، اللهم ياحي ياقيوم صل على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على ابراهيم وعلى ٱل إبرهيم إنك حميد مجيد ، يارب يارب يارب ، أسألك بعزك الذي لايرام وبملكك الذي لايضام وبنورك الذي ملأ أركان عرشك ، يامغيث أغثني ، يامغيث أغثني ، يامغيث أغثني (كل منكم يذكر حاجته) ، اللہم لاتشمت أعدائي بدائي ، وأجعل القرآن العظيم دوائي وشفائي ، أنت ثقتي ورجائي واجعل حسن ظني بك شفائي ، اللهم ثبت علي عقلي وديني ، وبك يارب ثبت لي يقيني ، وارزقني رزقاً حلالاً يكفيني وابعد عني شر من يؤذيني ، ولاتحوجني لطبيب يداويني ، اللهم استرني على وجه الأرض ، اللهم إرحمني في بطن الأرض ، اللهم إغفرلي يوم العرض عليك ، بسم الله الرحمن الرحيم طريقي ، والرحمن رفيقي ، والرحيم يحرسني من كل شيء يلمسني ، اللهم إنى أعوذ بك من شر النفاثات في العقد ، ومن شر حاسد إذا حسد ، اللهم إني عبدك إبن عبدك إبن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك ، عدل في قضاؤك ، أسالك بكل إسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استاثرت به في علم الغيب عندك ، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي وغمي ، اللهم يامسهل الشديد ، وياملين الحديد ، ويامنجز الوعيد ، ويامن هو كل يوم في أمر جديد ، أخرجني من حلق الضيق إلى أوسع الطريق ، اللهم بك أدفع مالا أطيق ، ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم ، أسالك اللهم بقدرتك التي حفظت بها يونس في بطن الحوت ، ورحمتك التي شفيت بها أيوب بعد الابتلاء ، أن لاتبق لي هما ، ولاحزنا ، ولاضيقا ، ولاسقما إلا فرجته ، وإن أصبحت بحزن فامسيني بفرح وإن نمت على ضيق فأيقظني على فرج ، وإن كنت بحاجة فلا تكلني إلى سواك وأن تحفظني لمن يحبني وتحفظ لي أحبتي ، اللهم إنك لاتحمل نفساً فوق طاقتها فلاتحملني من كرب الحياة مالا طاقة لي به ، وباعد بيني وبين مصائب الدنيا وتقلب حوادثها ، كما باعدت بين المشرق والمغرب ، اللهم بشرني بالخير كما بشرت يعقوب بيوسف ، وبشرني بالفرح كما بشرت زكريا بيحيى ، اللهم بشر من أرسل لي هذا الدعاء بحاجة تفرح قلبه وتدمع عيناه منها ، اللهم يامن لاتضيع لديك الودائع إحفظني وأهلي وأحبتي والمؤمنين ، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى ٱله وصحبه وسلم
... ربي هاأنت ترى مكاني وتسمع كلامي ، وأنت أعلم من عبادك بداءي وحالي ، ربي شكواي لك لا لأحد من خلقك فاقبلني في رحابك في هذه الساعة المباركة ، ربي إني طرقت بابك فافتح لي أبواب سمواتك وأجرني من عظيم بلائك ، اللهم يامسخر القوي للضعيف ، ومسخر الجن والطير لنبينا سليمان ، ومسخر الحديد لنبينا داود ، ومسخر النار لنبينا ابراهيم (سخر لي عبادك الطيبين من حولي وسهل لي أموري وارزقني من حيث لاأحتسب) ، ربي بحولك وقوتك وعزتك وقدرتك أنت القادر علي ذلك وحدك لاشريك لك ، اللهم إني أسألك بخوفي من عظمتك وطمعي برحمتك وجنتك أن ترزقني ماكان خيرا لي في ديني ودنياي ومعاشي وعاقبة أمري عاجله وٱجله ، اللهم إني أشكو لك قلة حيلتي وهوان أمري وضعف قوتي ، اللهم إني أسألك أن تصرف عني شتات العقل والأمر والتفكير ، ربي ٱثرني ولاتؤثر على ، ربي انصرني ولاتنصر علي ، إلهي إرحم ضعفي وفرج همي واجبر كسري وٱمن خوفي وامطرني برزق من عندك لاحد له ، وفرج من عندك لامد له ، وخير من عندك لاعدد له ، اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله ، وإن كان في الأرض فأخرجه ، وإن كان بعيدا فقربه ، وإن كان قريبا فيسره ، وإن كان قليلا فكثره ، وإن كان كثيرا فبارك لي فيه ، اللهم ولناشرها مثل ذلك ، يارب في هذه الساعه أسالك الراحه لكل مسلم ضاقت عليه دنياه ، وذرفت عيناه ياالله ، أفرح قلوبا أنهكها التمني ، وبشر أصحابها بفرح لايذكرهم بوجعهم واسعد قلوبهم وأسعدنا بصحبتهم ، اللهم إغفر لوالدينا وادخلهم جنتك ياأرحم الراحمين ، أمين ، اللهم وفق من نشر هذا الدعاء ، ويسر له أموره بالدنيا والٱخره وارزقه ، واحسن خاتمته ووالديه وارزقه ضعف مايتمنى بالدنيا والٱخرة
... وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى ٱله الطيبين الطاهرين
... اللهم اعتق رقابنا من النار ، اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا ، اللهم صل وسلم على محمد وآل محمد ، استغفر الله واتوب اليه ، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
... أحبابى كرروا الدعآء حتىَ تقُول الملائگه ولك المثل بإذن اللهْ
... تحياتى ...
المجلس الخامس والعشرون
... كان قدوة لزملائه ، لقبوه بالتقي النقي ، حضر حفلة بلوغه سن السعادة ولأنه إشتهر بين زملاءه بإلتزامه بتعاليم الإسلام الوسطى ، لا إفراط ولا تفريط ، فقد كان صواما قواما ، وعرف عنه شدة ورعه وخوفه من الله ، وحرصه على تأدية الفرائض والطاعات فى أوقاتها وبصدقه وإخلاصه فى العمل ، فوجئ زملاؤه بأنه أحضر معه كميات كبيرة من الأدوات الكتابية مثل الأوراق والأقلام والأحبار وزاد على ذلك إيصال شحن لعداد الكهرباء الخاص بمقر عمله وكذلك إيصال شحن لتليفون مكتبه ، ولما سألوه فى دهشة عن سبب ذلك ، أجابهم بأنه أراد أن يبرئ ذمته ، لعله يوما إستعمل أوراق المكتب لأغراضه الشخصيه ، أو إستغل كهرباء مكتبه فى شحن تليفونه الخاص أو إستعمل تليفون مكتبه فى مكالمات شخصيه ، فكان مسار إعجاب للحاضرين ، وإلهام لى لموضوع الدرس (إتقاء الشبهات)
... وبعد حمد الله والثناء عليه بإسمه العدل وبعد الصلاة والتسليم على نبيه وتوحيد القصد لله والدعاء بالتوفيق بدأت الدرس
... أيها الأحباب إعلموا أن النبي (ص) قسم الأفعال إلى ثلاث ، (حلال) ظاهر يعرفه الناس بقوله (الحلال بين) ، و(حرام) ظاهر لاتخفي حرمته علي أحد بقوله (والحرام بين) ، وقسم (متشابه) ، لايعرف الناس حكمة ، والسبب إما جهلهم بالحكم ، أوالشك فيه ، أو إختص به أهل العلم والإختصاص ، فما الواجب علينا ؟! ، يجب أن نتوقف عن فعل المشتبه به ، حتى نعلم حكم الشرع فيه ، وهذا ماقاله النبي ف (من إتق الشبهات) ، فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام
... يقول (الفضيل بن عياض) من عرف مايدخل في جوفه ، كتب عند الله صديقا ، وقد أمرنا الله بأكل الطيب الحلال (أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا) ، وأكل الحلال فرض ، يقول النبي (طلب الحلال فريضة) ، وهو من أسباب الخشوع في الصلاة ، وإجابة الدعوة ، ودخول الجنة ، يقول النبي (من أكل طيبا ، دخل الجنة) ، وحذر الله في كتابه من أكل الحرام فقال (إن الذين يأكلون أموال اليتامي ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا) ، حقا (إن الحلال بين والحرام بين ، وبينهما أمور مشتبهات فمن ترك الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه)
... ومن شدة الورع حرص السلف وأعطونا دروسا في ترك المباح مخافة الوقوع في الحرام ، لذلك يجب أن تسأل نفسك ، هل لو شحنت تليفونك بالشاحن من كهرباء العمل حلال أم حرام ؟! ، ولو أستعملت ورقة فى عملك في أمر يخصك حلال أم حرام ؟! ، ولو ذاكرت في ضوء كهرباء الشارع حلال أم حرام ؟! ، ولو إستعملت تليفون العمل فى مكالمات خاصة حلال أم حرام ؟!
... وسلوكيات كثيرة من الضرورى أن تخاف من فعلها لو فيها شبهة ، ومن أجل إجتناب هذه الشبهات ، هناك تفاصيل صغيرة ، أحيانا لاندير لها بالا ، وأحيانا نبرر لأنفسنا فعلها ونتحجج بأن الدين يسر ونحلل فعلها ونمنى أنفسنا
... يقول ﷺ (إنَّ الحلال بيِّن، وإنَّ الحرام بيِّن ) ، قد بيَّنه الله ، بيَّن الحلال ، وبيَّن الحرام ، وماأحلَّ الله لنا ، وماحرَّم علينا ، وماأوجب علينا ، وماسمح لنا فيه وأباحه لنا ، فمن يتدبر القرآن والسنة يعرف ذلك ، (وبينهما مُشتبهات) ، تخفى على بعض الناس ، ولهذا قال (لايعلمهنَّ كثيرٌ من الناس) لكن يعلمهنَّ الراسخون في العلم ، ولأنها قد تشتبه على بعض الناس (فمَن اتَّق الشُّبهات إستبرأ لدينه وعرضه) ، يعني إذا إشتبه عليه شيء يجب أن يتوقف عن فعله حتى يظهر له الحق ، ولايقدم عليه بغير بصيرةٍ ، ينظر في الأدلة حتى يتضح له الحكم ، ولايقول بغير علمٍ ، هذا هو الإستبراء للدين والعرض
... ولنا فى السلف الصالح دروس وعبر وعظة فى هذا الأمر ، ف(الخليفه عمر بن عبد العزيز) من شدة ورعه وخوفه من أن يقع في شبهة الحرام ، كان إذا انتهي من أعمال الدولة يطفئ السراج الخاص بالعمل ، ويقول الٱن إنتهينا من عامة الناس ، ثم يضيئ سراجه الشخصي ليجلس فيه مع أعوانه ، وقصة المرأة مع (الإمام أحمد بن حنبل) ، حينما سألته (ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺇني ﺇﻣﺮﺃﺓ ﺃﻏﺰﻝ (ﻏﺰﻝ ﺍﻟﺨﻴﻮﻁ من الصوف والقطن والكتان ﻟﺼﻨﻊ ﺍﻟﻤﻼﺑﺲ) ﻓﻲ ﺿﻮﺀ ﺍﻟﺴﺮﺍﺝ ، ﻓﻴﻤر ﺑﻨﺎ ﺍﻟﻌﺴﺲ (ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ) ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ ﻳﺤﻤﻠﻮﻥ ﻣﺸﺎﻋﻞ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺃﻳﺤِﻞُ ﻟﻲ ﺃﻥ ﺃﻏﺰﻝ ﻋﻠﻰ ﺿﻮﺀ ﻧﺎﺭﻫﻢ ؟! ، بكى ﺍلإﻣﺎﻡ وسألها (ﻣﻦ أﻧﺖ) ؟!
... قاﻟﺖ (أﻧﺎ أﺧﺖ ﺑﺸﺮ ﺍﻟﺤﺎﻓﻲ) قاﻝ ﻟﻬﺎ (ﻣﻦ ﺑﻴﺘﻜﻢ ﻳﺨﺮﺝ ﺍﻟﻮﺭﻉ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ) ، ﻻﺗﻐﺰﻟﻲ على ﺷﻌﺎﻋﻬﺎ ، وﺑﻜﻰ ﺍلإﻣﺎﻡ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻟﺪﻗﻴﻖ ﺟﺪﺍ ﻭﺧﻮﻑ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻣﻦ أﻥ ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﺷﺒﻬﺔ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ !
... ياأحباب اﻟﻮﺭﻉ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﺮﺍﺗﺐ (إﺟﺘﻨﺎﺏ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ) ، (إﺟﺘﻨﺎﺏ ﺍﻟﺸﺒﻬﺎت) ، (ﺗﺮﻙ ﺑﻌﺾﺍﻟﻤﺒﺎحات ﺧﺸﻴﺔ ﺍﻟﻮﻗﻮﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺒﻬﺎﺕ)
... الإمام أحمد بن حنبل قال لها لاتغزلي علي شعاعها ، رده كان قاطع وواضح وصريح ، ومن أجل ذلك وطنوا أنفسكم أنه قبل أي فعل ، لو كان عندكم شك فى أنه متشابه أو تافه تذكروا هذه القصه وخصوصا في العمل ، بمعني أن لاتاخذ ورقة ولاقلم ولاأي شيء ليس من حقك ، مهما كان الشيء تافه بالنسبة لك
... اللهم إغننا بحلالك عن حرامك وبكرمك عمن سواك
... أذكركم وأذكر نفسي بتقوى الله ، أسألكم الدعاء بظهر الغيب
... تحياتى ...
وكل عام وانتم بخير
تعليقات
إرسال تعليق