على هامش مفارقات الحياة // بقلم ناجح صالح

 ( على هامش مفارقات الحياة )


في مشهد جلل تقشعر له الأبدان ترى صبية صغارا يبكون ومن حولهم رجل مقعد هو أبوهم بينما جلست الأم غير بعيد غير قادرة على فعل شيء .

أسرة تسكن في دار هو ليس سوى حجرة واحدة عتيقة متهالكة .

ان أقسى ما يعانيه المرء ألا يملك قوت يومه بينما تتضور بطون أبنائه من الجوع .

أليس مثل هذا المشهد يثير فينا الفزع في وطن فيه ثروات هائلة ، ثروات هي حكر لأولياء أمورنا الذين يجلسون على كراسي السلطة ، ثروات هي بين أيديهم ومن خلفهم يستأثرون بها وحدهم فلا ترق قلوبهم لفقير أو مسكين .

هم وحدهم يتنعمون بهذا المال ويتلذذون بطعام وشراب ولباس وسكن وخدم وحشم ، متخمون على الدوام ، تفوح منهم رائحة الشبع والبطر .

أما رعيتهم فليس سوى الفاقة والدموع والأحزان .

أية معادلة هذه التي تتراءى أمام أعيننا !

هكذا يفعل المفسدون ، وانه لفساد عظيم يحمل في طياته آثام وذنوب لا تغسلها مياه البحار .. وكيف ذلك وهم يحملون أوزارا فوق أوزار ! لقد أسرفوا وارتكبوا المحرمات وخانوا العهود واغتصبوا الحقوق وفرطوا بالأمانة

وهكذا هم يسوقون الوطن الى هاوية دون أن يرتدعوا ومن غير أن يسألوا أنفسهم ماذا هم فاعلون بعد أن تلطخت أياديهم بجريرة هؤلاء المعذبين من حولهم .

ثم أرأيت كيف هم يمشون على الأرض ! مشيتهم هذه ليست سوى علوا وغرورا ، ينظرون الى سواهم نظرات شماتة ويستخفون بهم كأنهم حشرات تدب على الأرض . 

ويبقى المشهد برمته يثير الشجون لما تعانيه تلك الأسرة وآلاف مثلها من فاقة وحرمان ، محرومة من أبسط حقوقها ، ترى في الموت خيرا لها من الحياة ، ذلك لأنها حياة سقيمة فقدت كل مقوماتها .

وما يزال الصبية الصغار يبكون ، والأب مشلول الحركة يقطر فؤاده دما ، والأم تتحسر لما آل اليه فلذات كبدها .. تنظر الى السماء نظرات استغاثة بأن يكون لها نصيب من رزق أو شيء قليل من ثروات هذا الوطن .

أينعم الآخرون بملذات الحياة وهم يلعقون التراب ! أتسكن القلة في قصور فخمة عالية وهم يسكنون الجحور والكهوف ! أيرتدي هؤلاء الحرير والديباج وهم يرتدون الثياب المرقعة !

أهذه قسمة عادلة ؟ أهي حقوق مشروعة لبعض الخلق ومحرمة لخلق آخرين ! 

ان هذا لمظلمة ليست مثلها مظلمة ولكن في وطن كوطننا هكذا تتحكم المقادير وتنقلب الموازين .                                   ناجح صالح / العراق

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نجواى أنت // بقلم الشاعر رحب كومى

رثاء شاعر الوطن // بقلم أ. سامية البابا

بعض أسماء وصفات النساء عند العرب // بقلم محمد جعيجع