هل الأخ الأكبر لص العائلة // بقلم ناجح صالح
هل الأخ الأكبر لص العائلة !
===============
أثار حفيظتي هذا العنوان حينما اطلعت عليه في كتاب منذ سنين خلت ، ولا أدري ما الذي ذكرني به ، غير أني رأيت فيه على أية حال موضوعا مثيرا للجدل والمناقشة .
وها هي قريحتي تقول :
يكاد مجتمعنا الشرقي لا يخلو من ظاهرة حب الأبوين للإبن البكر لاسيما اذا كان ذكرا ، الحب الذي فيه تجاوز وغبن وظلم على حساب بقية إخوته ، ذلك أن الأبوين من حيث لا يشعران يعاملان الإبن الأكبر أو الابن الأول معاملة فيها الكثير من الافراط في الدلال ، إنهما بمعنى آخر لا يعدلان بين الأبناء في هذه المعاملة بما فيها من عطاء سواء كان هذا العطاء ماديا أو معنويا .
وكلما مرت الأعوام طغى شعور لدى الأخ الأكبر بأنه هو الأفضل بينما يراود إخوته شعور المقت والكراهية تجاهه .
فهو في نظرهم ليس سوى لص ، أجل لص العائلة لأنه يسرق منهم إمتيازاتهم وحقوقهم .
لقد أخل الأبوان بأبسط قواعد العدل بين الأبناء لينشب صراع خفي مرير في نفوسهم ثم ليتحول بعد ذلك الى صراع يرتسم على الوجوه بما فيه من حقد وكراهية .
إن الأخ الأكبر سرقهم بما نال من الحظوة لدى أبويه حتى في ملبسه وطعامه وبالنقود التي يحملها في جيبه .
يرتكب الأبوان أخطاء فادحة بحق أبنائهم كلما أسرفا في ترضية الإبن الأكبر في الوقت الذي يسيئان الى بقية الأبناء .
ويحاول الأبن الأكبر من جانبه إفتعال الأزمات ليكسب عطف الأبوين بينما هو يزرع الغيظ في قلوب اخوته ليصل هذا الغيظ إلى أعلى مراحل الحسد بما فيه من إزدراء وكراهية .
فإذا ما فارق الأبوان الحياة وجدها الأخ الأكبر فرصة ليستحوذ على كل شيء فارضا سلطانه على اخوته ظنا منه أنه يقوم مقام الأب دون منازع لتبدأ مرحلة من الانتهاكات أبشع مما كانت في حياة الأبوين .
إنه في النهاية يريد أن تكون الكلمة له وحده والقرار له وحده دون مراعاة لمشاعرهم .
وهكذا ينظر اليه اخوته بأنه لص اعتاد على سرقتهم منذ طفولتهم ، غير أنهم بعد أن أصبحوا رجالا يرون أنه من الظلم أن يستمر هذا الأخ بالعبث بمقدراتهم .
وتجتمع كلمتهم على ايقافه غير أنه لا يكترث لهم ولا يسمع كلمة حق تقال ، فقرروا أن يكون القضاء حكما فاصلا بينهم لإقتسام الملكية التي تركها الأبوان .
ومع الحل المنصف الذي أعطاه القضاء ظلت العداوة تساور أنفسهم بقية حياتهم .
وهكذا كانت الأخطاء التي ارتكبها الأبوان سببا لهذه البغضاء بين الأخوة أنفسهم .
ناجح صالح / العراق
تعليقات
إرسال تعليق