السلطان الجائر // بقلم ناجح صالح
·
السلطان الجائر
=======
قيل أن سلطانا من السلاطين استبد وظلم رعيته ظلما فادحا , وأنه كان مبهورا بمتاع الدنيا وزينتها , فأحاط نفسه بحاشية تتملق له , وكانت مائدته على الدوام فيها ما لذ وطاب من الطعام والشراب . ولم يكن شرها فحسب بل كان ماجنا فاسقا إتخذ عشرات الجواري يحطن به في ليله الصاخب مما أثار حفيظة زوجته وحقد أبنائه , فكانت الزوجة تكتم في نفسها ذلك الغضب والغيرة معا , ورغم أنها كانت امرأة السلطان إلا أنها كانت لها حياتها الخاصة وفي منأى عن ذلك الترف الزائد , وكان لها قلب رقيق لا يرضى الظلم كرهت معه كل ما يربطها بالسلطان .
رأى السلطان يوما حلما أغاظه .. رأى أن دولته تشتعل فيها النيران ويعم فيها الخراب .
وتكرر الحلم مرات لكنه لم يرتدع عن طيشه ومجونه وإستبداده , أما الرعية فقد ذاقت الويلات من ظلمه وما تعانيه من جوع وفقر, لذا أخذت الكراهية تتخذ طابعا فيه حذر وترقب.
سأل السلطان يوما أحد مقربيه :
- كيف تسير الأمور ؟
- كل شيء على ما يرام سيدي السلطان .
- ما بال بعض الرعية يرفعون أصواتهم ويشتكون ؟
- إن هم إلا مجانين سيدي السلطان .
- وهل الحدود آمنة ؟
- آمنة بفضلك سيدي السلطان .
غير أن السلطان كان يرى في قرارة نفسه أن عاصفة مروعة ستقتلع جذور دولته ثم لتقضي عليه هو الآخر , إلا أنه إستكبر وأبى أن يعترف بخواطره , ولعله ظن أنها مجرد أوهام , فظل أسير هواه وعبثه بل وغفلته .
حاولت إمرأته أن توقظ فيه عقله وكانت له ناصحة فردها ردا قبيحا وطعنها في مشاعرها .
وصحا السلطان ذات يوم من نومه في ساعة ضحى لترتجف فرائصه .. إنه العدو بخيله وفرسانه وسلاحه ليقتحم دولته ويضرب بسيوفه الرقاب دون مقاومة تذكر .
ورأى السلطان بأم عينيه من نافذة قصره الصورة المؤلمة المزرية لسقوط دولته , فأسترجع حلمه غير أنه فات الأوان .
وأحاط العدو بقصره ليستسلم السلطان ذليلا .
أما رعيته فقد وقفت تتفرج عليه في محنته شامتة به , لا تذرف دمعة على نهايته البشعة , النهاية التي إستحق بها القصاص العادل .
لقد خذل رعيته أعواما طويلة وها هي رعيته تخذله آخر الأمر .
وعلى مرأى الجميع قتل السلطان شر قتلة بيد عدوه وبتهليل وارتياح من رعيته .
ناجح صالح / العراق
تعليقات
إرسال تعليق