السيجاره // بقلم الشاعر عبد الناصر عكوش
السيجاره
قصيرةٌبالصدر ساوتْ خصرَها
لكنّ جُلَّ الناس يرفعُ قدرَها
ما إنْ تراها العينُ أولَ مرّةٍ
تهفو لها الأيدي لتُمسِكَ ظهرَها
ليستْ فتاةً بل نباتٌ جُفِّفَت
أوراقُه ثمّ ارتمَت في بئرها
ببياض لونٍ فاتحٍ قد غُلّفتْ
والرأسُ منها دون نحرٍ صرَّها
والنارُ فيها إنْ بوقتٍ عسعستْ
ماتتْ ببطىءٍ قبل موعد عمرها
في صدر كلّ المُدمنينَ تعشعشت
ودُخانها أغرى الهُواةَ لِوطْرِها
ما إنْ ألِفنا في الحياة وصالها
صرنا عبيداً رهنَ سلطةِ أمرها
وما استطاع المخلصونَ جفاءَها
فنفوسُهُم أنَّى تُريدُ تجُرّها
سلطانةٌ كالنوم إنْ جاءَ الكرى
يأتي البواسلُ خاضعينَ لأمرها
تُملي عليهم كلَّ حينٍ نفسَها
لِتقُدَّ أدبارَ القميص بغدرها
وتقولَ أنّي مَنْ هممتُ ولم أكنْ
إلا غُلاماً ليس غيرُ بحجرها
وتبُثُّ في رئة المُولَّهِ نسمةً
مُلئتْ بحقدٍ من ضغائن مُرِّها
في طبعها كلُّ الأذى مُتغرِّزٌ
هذا الذي ما قد خفتْهُ بسرّها
إ نّ السجائرَ كالضرائر مرّةٌ
تُنهي حياةَ العاشقينَ لضُرّها
تُلهي العبادَ عن التورُّعِ والتُقى
فأعوذُ نفسي من وساوس شرّها
لا يلتقي ورع العباد وحبّها
في ذات قلبٍ إنْ تعذَّرَ هجرها
ربّاه وحدكَ خيرُ عونٍ يُرتجى
كي لا أكونَ معزّزاً في قصرها
الشاعر عبد الناصر عكوش
تعليقات
إرسال تعليق