تلكَ وصيّتي // بقلم سكينة الشريف
تلكَ وصيّتي
سكينة الشريف
مصر
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
حين تصمتُ كلماتي
وتتوارى أحرفي خلف أسوار ِ
الأنفاسِ القابعةِ خلفَ جدارِ العمر
لتسكنَ في وحشةِ القبر
حين تخلدُ روحي للراحةِ الأبدية
حين يجفُ جسدي الرطب
وتذبلُ منه اللمسةُ النديّة
ويشخصُ البصرُ
وتسكنُ الأعضاءُ عن الحراكِ
حين تموتُ كل الصورِ في عيني
ويسودُ الصمتُ الأخرس في روحي
حين يأفلُ نجمي
ويخبو ضوؤه
أسألكم الدعاءَ بالرحمةِ حين تتبادلون الدخولَ عليّ
وقتَ الغسلِ والتكفين
لا أريد أن تؤذيني قسوةُ المغسّلة
حين تقلّبني من اليسارِ إلى اليمين
فاجعلوا أحنّ قلبٍ هو من يقومُ بذلك
اسألكم الترحّمَ على وردةٍ كانت غضّة
كان يفوحُ أريجُها حدَّ الأفق
ارحموا من كانت تبكي كلَ شيء
وتحنو على كلِ شيء
زيدوا في ستري مترين
واقرأوا من القرآنِ وردين
وإن سبقتني الغرغرةُ قبل العناقِ
ضموني إلى قلوبكم
فسأشعرُ بضمتكم وان كنت هامدةً
طوقوني بذراعيكم
وإن كنت ساكنةَ الحراكِ
تريثوا قليلا قبل الدفنِ
اتركوني لحظاتٍ قليلةٍ بينكم
فسيكون السفرُ طويلا قبل اللقاء
لا تجهشوا بالبكاء
فصوتُ البكاءِ يؤذيني
بل رتّلوا ما تحفظون من الآيات
فالترتيلُ يُشجيني
وبجانبِ رُفاتِ أمي
جهزوا لي السكنَ والمخدع
وتريثوا بعد الدفنِ حتى أأتنسُ بكم
أو أكونُ بحاجةٍ إلى دعاء
اذكروني في جَمعكم
اجعلوا لي مقعدًا شاغرًا بينكم دوما
سأكون موجودةً معكم
انثروا الصدقات باسمي على كل محتاجٍ
كنت أحلمُ بمائدةٍ من الاستغفار لكل المتعثرين
فحين تُقامُ اجعلوني بينهم
سأمسكُ بيد أحفادي
وأتوكأ على أكتافهم
وأصفّقُ وأغني في أعراسهم
أوصيكم بتقوى الله والطاعة
أوصيكم بالصبرِ عند البلاء
والكرم في العطاء
والعفو عمن أساء
والعيش بشموخٍ وإباء
أسألكم الدعاءَ حتى اللقاء
فتلك وصيةٌ لموتي المؤجل
لدارِ الحقيقةِ من دارِ الفناء
تعليقات
إرسال تعليق