قبلة خلف تلال القش // بقلم الأديب و الشاعر سلمان ابراهيم

قبلة خلف تلال القش  .....

******************

طالما سيرة وانفتحت وبالأمس تذكرت الحصيدة وأيامها الحلوة ....أكيد كانت حلوة لأنها أول عشق عرفته بحياتي حيث كانت مهمتي نقل القمح الى البيادر وعلى الحمار أشق عباب الدروب الضيقة ماشيا أسوق دابتي ثلاثة كيلومترات أنزل حملها وأمتطيها راجعا الى الحقل وكأني فارساً من بني هلال ....لكني شعرت بالملل برحلة الذهاب لأني كنت  مكرها ومجبرا ولايحق لي الاعتراض وتبديل المهمة لأني سأنال نصيبي من الاهانة والضرب ....الا أن الملل لم يطل أمده ...لأنها جيت والله جابها سمعت جارتنا بالأرض تقول لأبنتها ان كنت متعبة من الحصاد انقلي القمح الى البيدر ..قالت أخاف من الحيّات في الطريق قالت الأم :رافقي سلمان فهو يحميك ويساعدك اذا وقع الحمل عن الدابة وصاحت بي الله يوفقك دير بالك عليها ورافقها ...سمعت امي بسرها تتمتم وتقول  والله وهو رجع سلمان اليوم ..تقولها بسخط وغضب ...في الوقت الذي رفرف قلبي وطار من الفرح...وأنا ابن الثلاثة عشر وبقي سنة لأكون شابا ابن الأربعة عشر لأبدو مثل بدر الكمال .....

مشينا سوية نسوق دوابنا بسرعة ...قالت :انتظرني ولا تسرع اني اخاف من الحية لاتسبقني ...خففت من سرعتي ومشيت معها لكني افكر بالعقاب ان تأخرت....

تبادلنا اطراف الحديث قالت:هل أنت خائف ان تأخرت ؟؟اجبت نعم ...تخاف وأنت بقي لك سنة لتكون رجل ؟؟؟الرجل لايخاف من أمه وأبوه...كيف يتزوج ويصبح أب وهو خائف من أباه.....اَاااه كم رأيت نفسي صغيرا أمامها صرخت بدابتي أن تتوقف وقلت أنا لا أخاف من أحد !!!أوقفي دابتك واجلسي بظل هذه الشجرة لنرتاح.... والرجولة تدفعني أن أتمرد حين أرجع الى أهلي.....

جلسنا ..واقتربت الدواب من بعضها وأخذت تأكل كل واحدة من حمل الأخرى وكأنهما ينتظران هذه اللحظة ليرتاحا ويأكلا....

قالت:سمعت ابي بالأمس يحدث الحاضرين عن فلماً حضره بالسينما عن عشق سميرة توفيق ومحمود سعيد ...قلي شو يعني عشق؟؟؟هنا نفشت ريشي وشعرت بأنني تجاوزت السنة وأصبحت ابن الأربعةعشر خصوصا أنها تصغرني بسنتين سأعمل عليها استاذ أجبتها  ....العشق هو الحب ....ضحكت هي وقالت والله ذكي كثيراً العشق هو الحب ...هنا انتهى عندي كل شيء لافهم ولا ادراك....قلت لاأعرف.... قالت:العشق ياعيني هو تشابك حبال القلبين... هو أن يحضن العاشق حبيبته....العشق هو أن يقبلها لتشعر بأنفاسه ...بحنانه ...بحرارته ....تعال لأعلمك العشق ياصغيري !!!!

أخذت بيدي وأدخلتني بين حملي القمح وقبلتني .....انها القبلة الأولى في حياتي...شعرت برائحة أنفاسها بأنها أزكى من رائحة العطور ...العرق الذي يتصبب منها انه العنبر.....

التراب الأحمر الذي صبغ وجنتيها أجمل مما صنعته أمهر الأيادي في صناعة المكياج ...الشعر الذي امتلأ سنابل وبقايا من القش يبدو أجمل مما تضعه صالونات التزيين....أخذتني بحضنها تمنيت ألا تنتهي تلك اللحظات ...تمنيت لو أن حريقا يشب بحقول القمح وأبقى دهرا هنا .....

لكن ما الفائدة وفرعون ينتظرني وقد أستشاط غضبا لأعود ابن الثمانية ليضربني بعصاه الغليظة ....

الأديب و الشاعر سلمان ابراهيم

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نجواى أنت // بقلم الشاعر رحب كومى

رثاء شاعر الوطن // بقلم أ. سامية البابا

بعض أسماء وصفات النساء عند العرب // بقلم محمد جعيجع